{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)}قرئ {فَأَسْرِ} بقطع الهمزة ووصلها من أسرى وسرى.وروى صاحب الكشاف عن صاحب الإقليد فسر {مِنْ} السير والقطع آخر الليل.قال الشاعر:افتحي الباب وانظري في النجوم *** كم علينا من قطع ليل بهيموقوله: {واتبع أدبارهم} معناه: اتبع آثار بناتك وأهلك. وقوله: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} الفائدة فيه أشياء: أحدها: لئلا يتخلف منكم أحد فينا له العذاب.وثانيها: لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من البلاء.وثالثها: معناه الإسراع وترك الاهتمام لما خلف وراءه كما تقول: امض لشأنك ولا تعرج على شيء.ورابعها: لو بقي منه متاع في ذلك الموضع، فلا يرجعن بسببه ألبتة. وقوله: {وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} قال ابن عباس: يعني الشام.قال المفضل: حيث يقول لكم جبريل. وذلك لأن جبريل عليه السلام أمرهم أن يمضوا إلى قرية معينة أهلها ما عملوا مثل عمل قوم لوط. وقوله: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ} عدى قضينا بإلى، لأنه ضمن معنى أوحينا، كأنه قيل: وأوحيناه إليه مقضياً مبتوتاً، ونظيره قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل} [الإسراء: 4] وقوله؛ {ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ} [يونس: 71] ثم إنه فسر بعد ذلك القضاء المبتوت بقوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآء مَقْطُوعٌ} وفي إبهامه أولاً، وتفسيره ثانياً تفخيم للأمر وتعظيم له.وقرأ الأعمش {إِن} بالكسر على الاستئناف كان قائلاً قال أخبرنا عن ذلك الأمر، فقال: إن دابر هؤلاء، وفي قراءة ابن مسعود. وقلنا: {إِنَّ دَابِرَ هَؤُلآء} ودابرهم آخرهم، يعني يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد وقوله: {مُّصْبِحِينَ} أي حال ظهور الصبح.